بصائر من القرآن
أ.د. رقية طه العلواني
التدبّر في آيات الكتاب العظيم وفي الكون والأنفس والمجتمعات واجبٌ على كلّ ذي لبّ، حسب قدراته الإدراكية القابلة للتعلّم والتمرين والزيادة. وهو نشاط فكري عقلي وجداني، يجعل الإنسان يسير في رحلة الحياة على بصيرة، يُحسن من خلال ممارسته تدبير معيشته وحياته في الواقع المتغيّر الذي يعيش بمختلف جوانبه الأسرية والاجتماعية والتعليمية وغيرها. كما يُسهم في بناء شبكة العلاقات الإنسانية بين البشر على أفضل وجّه يليق بكرامة الإنسان على اختلاف أعراقهم وألوانهم وأديانهم، ويحقق الوظيفة التي خُلق الإنسان لأجلها، وسُخّر له ما في الأرض جميعًا للقيام بها. وكلما زادت ممارسة الإنسان للتدبّر، كلما تضاءلت مساحة العبثية في مساراته الفكرية والذهنية والسلوكية، الأمر الذي يؤول إلى الترقّي الحضاري والتسوّر المعرفي المنشود.
وهذا الكتاب في جزئه الأول وما يليه من أجزاء (بإذن الله تعالى) مساهمة متواضعة في بناء وترسيخ دعائم وقواعد التدبّر في السُور القرآنية المرتبطة بآيات الله في الكون والنفس والمجتمع، وتطبيق لفريضة، لأجلها تُشحذ الهمة ويُقدح زناد الفكر ويُوقظ القلب.
وهذا مما يستوجب تقديم المحامد لله سبحانه الذي أنزل الكتاب ليكون للعالمين نذيرًا وهاديًا إلى صراطه المستقيم و نُورًا مُّبِينًا.